ليس سراً أن ثنائي «حزب الله -امل» ما زال يتعامل مع الرئيس سعد الحريري كفرد من اهل البيت... رغم مآخذ الثنائي على الرجل الذي شذّ في مرات كثيرة عن مفهوم ربط النزاع والتعايش الوطني وحاول القفز فوق الاعراف الا انه ما زال ابن الشهيد رفيق الحريري والممثل الاقوى للسنّة في لبنان.
ليس سراً ايضا، ان الثنائي يرحب «بعودة الحريري الى رئاسة الحكومة في اي زمن واي وقت»، وفقا لمصادره «نحن لا نمانع اعادة ابرام تسويات وتفاهمات مع الحريري لتشكيل حكومة «وطنية جامعة» رغم اخطائه الكثيرة مؤخرا ولكن شرط ان يتحلى الرجل بالوعي الكافي للتعامل معنا من موقع وطني وميثاقي، وان يبقى محافظا على التوازنات السياسية والوطنية».
ربما المطلوب من الحريري في هذه اللحظة المفصلية في لبنان ان يلتزم بتطبيق التفاهمات الوطنية بحذافيرها وتحديدا عدم محاولة تطبيق اجندات خارجية باقصاء اي مكون عن الحكومة، او محاولة ابتزاز الثنائي تحديدا تنفيذا لاجندات خارجية لا يبدو انها تغيرت بالشكل الكافي لوضع مصلحة لبنان كاولوية على المصالح الاقليمية والدولية، وهذا ينذر وفقا للمصادر ذاتها بان الاتفاق على عودة الحريري الى رئاسة الحكومة دونه عقبات جوهرية واساسية قد تطيح بتكليف الرجل وتعيد الامور الى نقطة الصفر.
ولكن المشكلة اليوم ليست في موقف الثنائي الشيعي المشجع لعودة الحريري والذي بدأها قبل نحو الاسبوع تقريبا حين انفردت «اللواء» بنقل موقف الثنائي غير الممانع لاعادة تكليف الحريري بعد تبليغ الفرنسيين لبنان عن توجهها لاعادة تفعيل مبادرتها باتجاه اعادته رئيسا للحكومة، ولا حتى في موقف رئيس الجمهورية الذي فتح الباب لعودة وصل ما انقطع مع الحريري حين اعلن عدم ممانعته تكليف اية شخصية سنّيّة لهذا المنصب، بل في موقف رئيس التيار الحر جبران باسيل الذي على ما يبدو ما زال ممانعا بشكل جدي لعودة الحريري او على الاقل مشترطا توزيره في اية حكومة يرأسها الحريري.
وفقا لمعلومات موثوقة خاصة بـ«اللواء» فان الرئيس عون لا يمانع عودة الحريري وهو ابلغ الفرنسيين وجهات لبنانية داخلية بقراره، كما ان هناك معلومات عن مسعى دولي تقوده فرنسا لعقد لقاء ثنائي في القصر الجمهوري بين عون والحريري وحتى رباعي بين ثنائي «حزب الله-امل» وعون الحريري.
وتؤكد المعلومات انه منذ اسبوع تقريبا نشطت الوساطات الداخلية والفرنسية لتقريب وجهات النظر بين الحريري وكل من عون وباسيل، ووفقا للمعلومات ذاتها فان باسيل ومن منطلق المساعدة على وقف الانهيار الاقتصادي في لبنان، ابدى ليونة للسير بتسوية الحريري وتراجع عن شرط مشاركته شخصيا في اية حكومة يرأسها الاخير، ولكن بشرط تمثيل تكتله في الحكومة في وزارات محددة وان يسمي هو وزراءه.
ولكن، على طريق الحريري الى بعبدا ومن ثم الى السراي الحكومي، هناك التزامات يجب عليه التقيد بتنفيذها:
اولا: الاتفاق على الخطوط العريضة لشكل الحكومة وبرنامجها الوزاري وخطتها الاصلاحية، والاتفاق على عدد الوزراء ونوعيتهم، والاهم الاتفاق على وقت محدد للتأليف وتطعيم الحكومة بشخصيات ليست تكنوقراط بالكامل وفي الوقت نفسه غير حزبية او سياسية بشكل مباشر.
ثانيا: تسمية كل فريق سياسي لوزرائه في الحكومة وفق الية تقديم كل فريق لائحة من الاسماء غير المستفزة لكل وزارة ممثل فيها على ان يختار الحريري منها.
ثالثا: وضع برنامج عملي وواضح وصريح لشكل الالتزامات التي سيقدمها لبنان للمجتمع الدولي وصندوق النقد للاتيان بالمساعدات المالية اللازمة لوقف التدهور الاقتصادي.
رابعا: ان حكومة المهمة لا يمكن ان تقتصر مدتها على ستة اشهر فقط بل يجب ان يتضمن الاتفاق تمديد مهمتها لحين انتهاء ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون.
خامسا: التزام حكومة الحريري بتفاهم واضح ومحدد البنود حول شكل تفاوض لبنان غير المباشر على ترسيم حدوده البرية والبحرية مع فلسطين المحتلة وعدم شذوذ الحكومة باية مرحلة عن الاتفاق الاطار والتفاهم المذكور.
سادسا: التزام الحكومة بتقديم قانون انتخابي غير طائفي.
سابعا: ان حكومة الحريري مطالبة بالالتزام بكافة المعايير الوطنية لجهة عدم المساس بموجودات الدولة وتنفيذ الاجراءات اللازمة لاستعادة المال المهدور ومحاسبة المسؤولين عن ذلك، ومتابعة اجراءات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة ووضع الرجل الذي تشير معلومات دبلوماسية الى ان استمراره في رئاسة حاكمية مصرف لبنان مؤقت وسينتهي مع بدء تنفيذ الاصلاحات النقدية اللازمة لوقف تدهور سعر الصرف.
ثامنا: تحضير حكومة «المهمة» الارضية اللازمة لصياغة اتفاق وطني جامع جديد غير طائفي، وللتنويه فان الفرنسيين بداوا العمل جديا على تحضير الخطوط العريضة للميثاق الجديد.